بمشاركة شخصيات سياسية ودينية وممثلين عن القطاع الخاص والأهلي من جميع أنحاء فلسطين، تم افتتاح جناح الذاكرة في بيت فلسطين في مدينة نابلس، وجناح الذاكرة هو عبارة عن عمل فني سياسي "جدارية" بمساحة تقدر بحوالي (200) متر مربع، جسدت رسما التاريخ الفلسطيني منذ العام 1917، ولغاية هذه الأيام، ولم تكن الصورة وحدها هي الحاضرة بحيث ضمت الجدارية أسماء (418) قرية فلسطينية تم تدميرها وتهجير أهلها عام 1948، وأيضا أسماء المخيمات الفلسطينية جميعها، يتوسطها مجسما لطائر العنقاء تعبيرا على خلود الشعب الفلسطيني في أرض كنعان، وحتمية العودة
كما يضم جناح الذاكرة مكتبة حوت على أمهات الكتب والأفلام التي تحكي تاريخ وجغرافية فلسطين والقدس، باللغتين العربية والانجليزية وبعض اللغات الأخرى، وصورا فوتغرافية تحكي بعضا من قصص النضال الفلسطيني وعلاقة هؤلاء الشخصيات بصاحب فكرة "جناح الذاكرة" وهو منيب رشيد المصري، وأيضا مجموعة من الخرائط والصور التاريخية، والتي منها صورة نادرة لمطار اللد عام 1932 جاثمة عليه طائرة تابعة للخطوط الجوية الفلسطينية
تبدأ الجدارية بصورة لأوائل رموز العمل الوطني الفلسطيني للأعوام التي تلت وعد بلفور عام1917 ولغاية عام 1948، ثم تنتقل إلى صورة تعكس بعض أهم الثورات والمعارك التي خاضها الشعب الفلسطيني: مثل ثورة موسم النبي موسى عام 1920، ثورة يافا عام 1921، وثورة البراق عام 1929، والثورة الفلسطينية الكبرى ما بين الأعوام 1936 و1939، ثم المعارك التي اندلعت عقب قرار تقسيم فلسطين عام 1947
وتكمل الجدارية روايتها حول النكبة والنكسة والتهجير والخيام والرحيل إلى المجهول وأمل العودة برمزية مفتاح يحمله كهل، ومجموعة من الطيور المهاجرة وحتمية عودتها. وتضم الجدارية صورا لمن فجروا الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965، ومن خاضوا معركة الكرامة عام 1968، وتنتقل إلى انتفاضة العام 1987، وانتفاضة العام 2000، مجسدا في ذات الوقت وجوه مجموعة ممن قدموا وعملوا من أجل فلسطين وقضيتها، وكان لهم حضورا وتأثيرا في حياة صاحب فكرة إقامة جناح الذاكرة الذي يهدف بشكل رئيس إلى المساهمة في توثيق وتثبيت الحق والحقيقة للأجيال القادمة، وتخليد ذكرى من ضحوا من أجل فلسطين، وإيجاد حيز علمي مميز من خلال المكتبة والوثائق والخرائط والصور التي تحويها، وجناح الذاكرة أيضا يأتي في سياق يضيف إلى معنى ومحتوى بيت فلسطين
بدأ حفل افتتاح جناح الذاكرة بالنشيد الوطني الفلسطيني، والوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على أرواح شهداء القضية الفلسطينية، تلاها كلمة ترحيب من السيد منيب رشيد المصري ركز فيها على أهمية دعم صمود القدس، جوهرة وأساس القضية الفلسطينية، قائلا بأن جناح الذاكرة يأتي في سياق المساهمة في تثبيت الحق الفلسطيني بطريقة فنية تحاكي قلوب وعقول البشر على اختلاف جنسياتهم، وهي أيضا تأتي في إطار الوفاء لذكرى من ضحوا من اجل فلسطين وفي مقدمتهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، مشيرا إلى أن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني هي حقوق ثابتة ولن يتم التنازل عنها،مؤكدا على أن الأمن والسلام يكون بحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة
وتحدث المستشار خليل قراجة وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عن أهمية هذا العمل الوطني "جناح الذاكرة"، كما تحدث عن مساهمة السيد المصري في تأسيس ودعم صندوق ووقفية القدس الذي يهدف إلى دعم صمود القدس وتنميتها، وفي ذات السياق قدم طاهر الديسي عرضا موجزا عن صندوق ووقفية القدس
وقدم الخبير في مجال الآثار الدكتور حمدان طه في كلمته لمحة تاريخية عن أهمية مدينة نابلس وجبل الطور، والحضارات التي تعاقبت على هذا المكان والآثار التي بقيت شاهدة على تاريخه وعراقته، مشيرا إلى الأهمية التاريخية لدير بير الحمام الموجودة آثاره تحت بيت فلسطين، وهو دير بيزنطي يفوق عمره (1700) عام، عمل منيب المصري وبالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص في الحفاظ عليه
وفي كلمة الأب جوني أبو خليل ممثلا عن البطريرك فؤاد طوال، تحدث فيها عن أهمية الوحدة الوطنية، والدفاع عن المقدسات المسيحية والإسلامية في مدينة القدس، وبخاصة أنها تتعرض لعمليات تهويد تسعى إلى محو تراثها وتاريخا، شاكرا المصري على مساهمة في الأعمال الخيرية والوطنية التي تسعى إلى الحفاظ على الهوية والتاريخ والتراث الفلسطيني
ومن جانيه قال المهندس رامز جرايسي في كلمته بأن الشعب الفلسطيني كان وسيبقى شعبا واحدا، مؤكدا على أهمية ورمزية "جناح الذاكرة" في الحفاظ على التراث والتاريخ الفلسطيني. كما تحدث السيد نضال البزرة رئيس ملتقى رجال الأعمال في نابلس، عن أهمية هذا الحدث، شاكرا السيد منيب المصري على حرصه الدائم في جمع مكونات الشعب الفلسطيني باختلافاتهم الجغرافية والفكرية والدينية حول فلسطين كوطن يتسع لجميع مواطنيه. وقال الأستاذ إسحاق السامري ممثلا عن الطائفة السامرية، بأن هذه الأعمال على اختلافها وتنوعها لها رمزية وطنية ودينية لأنها مقامة على جبل الطور وهو أقدس مكان لدى الطائفة السامرية، وهي تسهم في حماية هذه الجبل من استهداف الاستيطان له
وبعد أن تجول المشاركون في جناح الذاكرة مستمعين إلى شرح من بعض حفيدات منيب المصري حول جناح الذاكرة، قدمت فرقة دبكة مقدسية عرضا فنيا مميزا على أنغام الموسيقى والأغاني الفلسطينية الوطنية الملتزمة، كما قدم الفنان المقدسي أحمد أبو سلعوم فقره فنية قصيرة اشتملت على أغاني من التراث الفلسطيني، وفي ختام الحفل قدم أنجال وأحفاد وحفيدات المصري فقرة اشتملت على نشيد مخصص لمدينة القدس والشهيد الرمز ياسر عرفات وفاء لفلسطين والقدس والشهيد أبو عمار، الذي استمع إليه عندما زاروه أثناء حصاره في مقر المقاطعة في مدينة رام الله